الجمعة، 23 أكتوبر 2009

التألف الارضي والتوافق القمري على ارض الشهداء في الانتخابات القادمة !

الذي راقب ويراقب المشهد السياسي العراقي قبل اكثر من اربعين عاما ولحد الان ,يجد مالا يسر الصديق ويعجب المتربصين والانتهازيين اذ قبل اربعين عاما كادت الساحة العراقية تخلو من الاحزاب الوطنية , بقدر ما كانت هناك تنظيمات صغيرة من الحزب الشيوعي والاحزاب القومية التي لم تجد لها صدى قويا باعتبارها احزابا تابعة , لهذا تفرد الحزب المنحل وأزلامه بالسلطة بعد ان وفروا له ارضية خصبة واعدادا جيدا لصدام بن صبحة , وكانت الجبهة الوطنية في منتصف السبعينيات لعبة سياسية مارسها النظام المقبور لغرض تصفية القادة و ممثلي الاحزاب الاخرى , اي هي القشة التي كسرت ظهر الاحزاب المعارضة فقتل من قتل , وجمد من جمد ,وفر من فر الى البلدان الشيوعية ,كالمانيا الشرقية وغيرها من الدول التابعة للاتحاد السوفيتي سابقا , وعندما انهار الاتحاد السوفيتي في مرحلة التسعينات تهدمت الاحزاب الشيوعية التابعة له , ولم يبق سوى مجموعة من الافراد التي تتفانى بالامجاد السابقة , ولم تشهد الساحة العراقية لاكثر من ثلاتين عاما اي نضال او كفاح مسلح ضد الدكتاتورية المقيتة ماعدا بعض النشاطات العامة , اما كنضال مسلح فعلي على الساحة العراقية ,انفرد فيها كلا من الاحزاب الكردية في المنطقة الشمالية , وحزب الدعوة في المناطق المختلفة من الوسط والجنوب ,وتعتبر مرحلة السبعينيات هي البداية الفعلية للنشاط المسلح لحزب الدعوة رغم التصفية العشوائية التي قام بها النظام المقبور للعوائل والافراد من اعضاء الحزب , وكان اعضاءه يتمتعون بروح التحدي والشهادة والمجايهة العسكرية للنظام المقبور ,ولاتزال اسماء الشهداء عالقة في الاذهان كالشهيد البطل فاضل البياتي , الذي تحدى السلطة الظالمة بسلاحه لمدة اربع وعشرين ساعة ثم سقط شهيدا ,كذلك الحال جواد كاظم, ورسول الالوسي واسرته ,وقيس شعبان ,وسمير عبد القادر ,و كاظم الالوسي ,ويعقوب حسن ,وزكيه جواد, وخيرية كاظم ,وسميرة الالوسي وغيرهما من مواكب الشهداء من منطقة الزعفرانية , والشعلة , والثورة , والشعب , وبغداد الجديدة اضافة الى عموم المحافظات الجنوبية , مما جعل النظام المقبور يفقد رشده , فجعل هذه المناطق والمحافظات من اسوء واتعس مناطق العراق قاطبة وذات علامة استفهام تهدد النظام . ولم يكتف حزب الدعوة بهذا النشاط فقط ,بل كان يمارس الكفاح المسلح بشكل نظامي في المناطق الجنوبية ومنطقة الاهوار بشكل خاص اما ابناء شعبنا الكردي لا تقل فعالياتهم ونشاطهم المسلح في مجابهة الدكتاتورية وتكبيده خسائر فادحة في الارواح والمعدات بشكل مستمر .اما الحزب الشيوعي فقد اقتصر نشاطه على بعض الفعاليات العامة , اضافة الى اشتراك بعض اعضاءه سواء من الاكراد او العرب , في بعض الفعاليات العسكرية في المناطق الشمالية . كالقائد ابو ريشه , الذي اغتيل بفعل مخابراتي جبان .اي ان عدد الاحزاب الوطنية الفعالة في الساحة العراقية لم يتجاوز عدد اصابع اليد , وعندما سقط النظام المقبور عام 2003 , دخلت الساحة العراقية احزاب وحركات وطوائف وشخصيات ما انزل الله بها من سلطان , وتحولت الاحزاب الوطنية من ثلات الى اكثر من ثلاثمائة حزب وطني وبقدرة قادر الكل رفع شعار الكفاح المسلح والتضحية والفداء والشهادة وغيرها من المصطلحات الشعاراتية الرنانة . اما الحقيقة فهي العكس تماما , فكل من ترك العراق بأرادته او بدونها قام بتشكيل حزبا او تنظيما او قائمة , وادعى ما ادعى , وكانت المؤتمرات واللقاءات التي تعقد قبل سقوط النظام بقليل من بلاد المهجر عديدة ومتنوعة , جمعت احزاب وشخصيات ومسميات ليس لها اي تاريخ يذكر , اذ ان بعض الافراد هربوا من العراق لاسباب شخصية , والبعض الاخر متعلق بموقف ما سوى كانوا قادة عسكرين ام شخصيات وطنية .والذي يراجع تاريخه النضالي على ارض الواقع لم يحصد منه غير الثراء الفاحش في ظل خيرات وعطاءات لا تعرف مصادرها اومموليها ولا نريد التحدث بالاسماء والمسميات , لانه سيجلب العار , لمن احتلوا مواقعا ومراكزا في الدولة الديمقراطية , وفعلوا ما لا يمكن ان يفعله اولاد الزناة .وبما ان هؤلاء انتهازيين وعملاء , فقد سمحوا لمن هب ودب بتشكيل احزابا وقوائم ومسميات متنوعه بحيث اصبح عدد الاحزاب والمسميات الوطنية اكثر من مجموع الاحزاب الوطنية في العالم اجمع .و لا نعرف ان هذه الاعداد الهائلة قد مارست فعلها البطولي والكفاحي تحت الارض , ام على سطح القمر , لهذا قامت بتشكيل توافقا اوتألفا يضمن لها حصة في البرلمان القادم , ويمكن اطلاق مصطلح التألف الارضي او التوافق القمري , استعدادا لخوض الانتخابات القادمة . لربما لم يحن بعد الوقت الكافي لتصفية هؤلاء الانتهازيين واللصوص والعملاء والمدعين , وسراق اموال العراق وثرواته , وافشال التجربة الديمقراطية . وسرقة احلام الشهداء والاحياء من ابناء شعبنا , الذين دفعوا ويدفعوا مواكبا من الشهداء لتحقيق حلم الحرية والكرامة ضد كل انواع الدكتاتورية والعبودية .
د. طارق المالكي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق