تتقدم الدراسات الحديثة باتجاهات وافكار ومفاهيم بنيوية لغرض تحليل النص الادبي او غيره تحليلا يتناول مادة الجسد النصية ليقدم معرفة من وظائف الداخلية التي تمارسها عناصر البنية اذ بحركتها يبنى النص سواء كانت تلك القراءات المعتمدة مؤولة ام غير ذلك ,اذ انها تتعامل مع النص لكشف عن معانيه ودلالاته المتنوعة وعن الفكر الذي يحكمه عبر فك الشفرات والرموز المتنوعة والمشكلة الهيكلية لجسد النص للمساعدة على الفهم وتسهيل المعرفة والكشف عن اسرار التقنيات الفنية والادبية المشكلة لتلك العينة الفنية والادبية وعليه يكون التقويم البنيوي لذلك الجسد النصي في ضوء معرفة قادرة على انارة الوظائف الداخلية وكشف معانيها الدلالية .و هذا ما نادى وينادي به الاتجاه البنيوي الذي شكل هاجسا علميا في البحث والاستقضاء عن خصوصيه هذا الاتجاه المنظور والمتجذر من المفهوم الشكلاني التصويري بعد ان اخذت بعض الدراسات النقدية تعكس هذه المفاهيم على كافة فنون الاتصال والاعلام سواء كانت زمانية , مكانية ,زمنكانية باعتبار البنيوية منهجا يتماثل بمناهج العلوم الطبيعي من جهة او باعتباره افكارا وتحليلات فلسفية ومفهوم البنية عموما الاتجاه الذي يهتم بالكل قبل الاجزاء , ويحاول ان يبحث عن العلاقات التي تحكم اي موضوع باعتبار ان هذه العلاقات هي التي تشكل حقيقة الظاهرة او الموضوع المدروس والبنية في اللغة ترتد الى الفعل الثلاثي بنى يبني بناء اي الكيفية التي شيد عليها البناء وتعني احيانا الطريقة التي ننظر بها الى كلية مكانية ملموسة في جزيئتها المكونه وفي مستوى تنظيمها وترتيبها وهي كذلك الهيئة الملاحظة والممكنة التي تمثلها مجموعة العناصر المكونة لموضوع ما . اي ان البنية اخذت مفاهيم ومعاني مختلفة نظرا لتعدد الاستخدامات لهذا المنهج وقد استخدم هذا المصطلح كمفهوم منهجي في علم النفس و علم المنطق والرياضيات والانثروبولوجيا . لذلك فأن العثور على تعريف جامع لمفهوم البنية يبدو امرا صعبا اذ هي منهج يمكن استخدامه في كافة الدراسات الانسانية ويصرح( بياجيه) انه من الصعوبة ايجاد ميزة للبنيوية ذلك انها ارتدت اشكالا كثيرة التنوع لا تسمح بتقديم قاسم مشترك. ويضيف بان البنية تتألف من مميزات ثلاث هي الجملة ا,لتحويلات, الضبط الذاتي . اما مدى علاقتها بالنقد الادبي اذ لا يخلو كتاب في النقد الادبي المعاصر من الاشارة الى النقد البنيوي باعتباره احد المناهج النقدية الرئيسية في وقتنا الراهن الى جانب النقد التحليلي النفسي .والسمة البارزة في النقد الادبي البنيوي هي عزل النص الادبي او مجموعة النصوص عن واقعها التاريخي وعن كتابها الذين اخرجوا هذه النصوص بهدف اكتشاف البنية العميقة التي تحكم النص ويرى النقد الادبي ان النصوص الادبية رواية ,قصة شعر الخ يمثل كل متكامل تحكمه علاقات داخلية تشكل بنيته .ومن رواد هذا الاتجاه المفكر الفرنسي رولان بارت والناقد الروسي تودروف .وقد تعرض النص البنيوي لعدة انتقادات منها انه يعزل النص عن سياقه التاريخي والواقع الاجتماعي الذي انتج فيه هذا النص مما ادى الى ظهور البنيوية التكوينية على يد لوسيان غولدمان الذي حاول التوفيق بين البنية والتاريخ اذ يرى غولدمان ان عملية فصل النص الادبي عن سياقه الاجتماعي والتاريخي اعتبره اتجاها شكلانيا ولا يستطيع الوصول الى كل معاني النص او التي يحملها النص عن حقائق اجتماعية وتاريخية تربط النص بالواقع الذي نتج فيه مع العلم ان غولدمان لم ينكر ان النص الادبي يشكل بنية ذات استقلال نسبي ولكنها بنية مفتوحة على الواقع والتاريخ وهي ترتبط بعلاقات جدلية مع الواقع الاجتماعي الذي نتج فيه النص الادبي .
د طارق المالكي
د طارق المالكي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق